الفقر من أكبر المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، إن لم يكن أكبرها على الاطلاق وأكثرها إيلاماً للعقل والضمير، وأخطرها تأثيراً على الأخلاق والسلوك، وتحطيماً للكرامات والنفوس.. 
حتى إنه قد نسب لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه وأرضاه قوله: "لو كان الفقر رجلاً لقتلته". وفي هذا دليل واضح على بشاعة (جريمة الفقر). 
@@@ 
 
خطير له عواقب وخيمة من الأمراض الاجتماعية والنفسية كتزايد الجرائم والإدمان على المخدرات وفقدان الثقة في النفس والسخط على المجتمع، فوق أن البطالة في مجتمع غني كمجتمعنا تؤذي ضمائر المسؤولين وتقض مضاجعهم خاصة حين نعلم أن مجتمعنا يوفر فرص العمل لأكثر من سبعة ملايين وافد من مئة جنسية حول العالم، ويعجز بقطاعيه العام والخاص عن توفير سبعمائة ألف فرصة عمل لمواطنيه رجالاً ونساء، فهذه مفارقة مؤلمة بكل المقاييس ودليل على اختلال واضح في التعليم والتدريب والتأهيل لسوق العمل، كما تدل على سيادة مفاهيم اجتماعية مغلوطة كالزهد في الحرف اليدوية والتي يحترمها الإسلام الحنيف ويحض على مزاولتها ويحب أصحابها حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صافح رجلاً فوجد يده خشنة من أثر العمل اليدوي "الحرفة" قال: "هذه يد يحبها الله ورسوله".. 
ويقول عليه الصلاة والسلام: "من بات كالاً من عمل يده بات مغفوراً له".. 
ويقول: "خير الكسب عمل الرجل بيده وكل كسب مبرور". 
أي كل كسب حلال يخلو من الغش والتدليس والرشوة ومختلف أنواع التحايل، فذلك كسب يأثم صاحبه ويضر به اخوانه ومجتمعه وهو يأخذ مالاً بدون إنتاج فكأنه يخدع المجتمع بشيك بدون رصيد.. 
@@@ 
 
وقد اقترحنا وكررنا مراراً أن أسهل وأفضل وسيلة للقضاء على البطالة والفقر والتستر معاً هي. 
(قصر مهنة البائع على السعوديين).. 
لأن مهنة البائع توفر عدداً هائلاً من فرص العمل تقضي على البطالة تماماً وتقضي بإذن الله على الفقر والتستر معاً.. كما أنها توقف النزيف الخطير في جسدنا الاقتصادي حيث تحول العمالة الوافدة ما يزيد على خمسين مليار ريال سنوياً إلى خارج المملكة، هذا عبر القنوات الرسمية، أما تحويلات الظل مما يأخذه المتستر عليهم معهم في جيوبهم وهم مسافرون أو يتحايلون على ارساله خارج النظام المصرفي فهو مبلغ كبير جداً يشكل نزيفاً في الاقتصاد واستنزافاً للعملة الصعبة. 
إذن فإن (قصر مهنة البيع على السعوديين فقط) سوف يقضي على البطالة والتستر والفقر ويجعل اقتصادنا يزدهر أكثر ويجعل الثروات تتراكم داخل الوطن فوق أنه يؤسس خبرات تجارية هائلة لدى شبابنا مع الزمن وعبر التجارب، ولكن ينبغي تحديد دوام المتاجر بما يتلاءم مع الواجبات الاجتماعية وبما يوفر فرص الراحة والترفيه للبائعين كغيرهم من خلق الله، ولا بد من الاستعداد لبعض الارتباك الذي سوف يحصل إذا طبق هذا القرار العظيم، وهذا الارتباك أسهل من شرور البطالة، ومن النزيف الاقتصادي، وسوف يزول مع الزمن.. 
وليكن الباعة سعوديين رجالاً ونساءً بوجود أسواق نسائية كاملة.. 
@@@
 
وهناك ناحية أخرى من أسباب الفقر حتى لدى العاملين غير العاطلين وهي إسراف الزوجة أو ميل الزوج للمقامرة هنا لا تعني لعب القمار فقط، فهذا محرم وغير موجود في مجتمعنا أصلاً، ولكن روح المقامرة موجودة عند كثيرين حتى وإن لم يجلسوا لطاولة قمار في حياتهم، وقد لاحظنا ذلك في المضاربات العشوائية على الأسهم الصغيرة التي بعضها لشركات خاسرة، كما لاحظناه من الإقبال المحموم على القروض الشخصية والتسهيلات البنكية والزج بها في سوق الأسهم دون خبرة أو تبصر، مع أن مجتمعنا في الأصل محافظ جداً ومتحفظ وأجدادنا عرفوا بالحذر والاحتياط ومن أمثالهم "يد في الجال ويد في الرشا" و"لا تقل براً حتى توكي الغرارة" فالمثل الأول يدل على وجوب التحفظ والاحتياط فحين النزول للبئر لا يكتفي الرجل بالإمساك بالحبل القوي "الرشا" بل يمسك بيده الأخرى بجال البئر من الحجر النافر فقد ينقطع الرشا ولو بنسبة واحد في الألف، وفي المثل الثاني رمز واضح للتحفظ والاحتياط والبعد عن المغامرة فالفلاح لا يعتبر أنه قد أحرز القمح (البر) حتى ولو حصده فقد تهب عاصفة وتطير به، بل يجب أن يغلق عليه الأكياس القوية للتأكد.. 
ولكن الجيل الجديد كثيراً منهم ابتعد عن التحفظ ومال للمقامرة طمعاً في الثراء السريع، ولا شيء اسوأ من الطمع فهو يعمي البصيرة والبصر، ويجعل الأغنياء فقراء، ولا يحس الإنسان بقيمة ما يملك - ولو كان راتبه الخالي من القروض - حتى يفقد ذلك.. 
أيضاً فإن إسراف الزوجة من أسباب الفقر، فبعض النساء تضرب في مال زوجها ضرب ولي السوء في مال اليتيم، اما لأنها مسرفة أصلاً، أو لأنها لا تريد أن يكون لديه مال خشية أن يتزوج عليها، فتفقره وتفتقر معه ويكرهها ويكره العيش معها ويعتبرها مشؤومة وتسوء حياتهما الزوجية وقد يطلقها أو ينكد عيشتها.. 
المرأة الصالحة تكون مدبرة تضع الريال في مكانه، وتعين زوجها على ظروف الحياة وليس العكس، وتعلم أن ذلك واجب عليها دينيا وأخلاقياً وأسرياً، فالمال لها ولأولادها، وكلما حصل وفر فهو خير لمستقبل أسرتها.. 
إن الفقر قد يصيب أصحاب الدخول الجيدة جداً بسبب مقامرة الزوج أو إسراف الزوجة أو الأمرين وهذا أسوأ وأسرع طريق للفقر.



تعليقات